المنصات الرقمية لتعزيز السلامة النفسية في بيئة العمل: الإمارات نموذجاً

 المنصات الرقمية لتعزيز السلامة النفسية في بيئة العمل: الإمارات نموذجاً

مقدمة

في ظل التحولات المتسارعة التي تشهدها بيئات العمل المعاصرة، بات من الضروري تبني أدوات ذكية تعزز من رفاه الموظف وتقلل من معدلات التوتر والإجهاد، لا سيما في بيئة العمل الحكومية التي تتميز بكثافة المهام وتعدد المتعاملين. من هنا، ظهرت المنصات الرقمية كأداة مبتكرة لتعزيز السلامة النفسية، ليس فقط من باب الرعاية، بل كجزء من منظومة استراتيجية تتناغم مع توجهات دولة الإمارات في ترسيخ جودة الحياة داخل المؤسسات.

أولاً: تعريف المنصات الرقمية للصحة النفسية

هي أدوات رقمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، تقدم خدمات وقائية وتدخلات نفسية للموظفين، مثل:

  • قياس مستوى الإرهاق والتوتر بشكل دوري.
  • تقديم نصائح وسلوكيات يومية لتحسين المزاج.
  • إتاحة جلسات دعم نفسي افتراضية أو محادثات مع مختصين.
  • توليد تقارير لحظية تساعد الإدارة في اتخاذ قرارات تحسين بيئة العمل.

ثانيًا: ممارسات إماراتية ملهمة

أطلقت حكومة الإمارات عددًا من المبادرات الرقمية في هذا الإطار، مثل:

  • منصة “نَفِس”: ضمن البرنامج الوطني للسعادة وجودة الحياة، تقدم خدمات ذكية لقياس الانفعالات وتقديم تدخلات وقائية.
  • منصة “هيئة الموارد البشرية” بأبوظبي التي تقيس مؤشرات السعادة والإيجابية لدى الموظفين وتحللها بشكل دوري.
  • مبادرة “الموظف أولاً” في حكومة دبي التي تتيح للموظفين التقييم اللحظي لبيئة العمل وتقديم اقتراحات فورية.

وقد أظهرت دراسة أجريت على 1,200 موظف في الجهات التي اعتمدت هذه المنصات أن مستوى الإرهاق انخفض بنسبة (31%)، وارتفع مؤشر التفاعل الإيجابي بنسبة (27%).

ثالثًا: دور المنصات في التنبؤ بالمخاطر النفسية

من خلال التحليل التراكمي للبيانات، تستطيع المنصات الرقمية التنبؤ بالأزمات النفسية قبل وقوعها عبر:

  • ملاحظة تغير سلوك المستخدم في إدخال البيانات.
  • تحليل نبرة الصوت أو اللغة المكتوبة في منصات التواصل الداخلي.
  • تكرار استخدام عبارات مرتبطة بالإجهاد أو الانفصال النفسي.

ويتم بناءً على ذلك إرسال تنبيهات سرية لإدارة الموارد البشرية أو الموظف نفسه لاتخاذ الإجراءات المناسبة.

رابعًا: التحديات والخصوصية

رغم الفوائد، تواجه هذه المنصات تحديات تتعلق بـ:

  • حماية خصوصية الموظف في ما يتعلق بصحته النفسية.
  • ضمان عدم استخدام البيانات بطريقة تُعرض الموظف للتمييز.
  • أهمية بناء ثقافة مؤسسية تتقبل الحديث عن الصحة النفسية دون وصمة.

ولهذا أصدرت دولة الإمارات دليلاً أخلاقياً لضمان التعامل الآمن مع البيانات الشخصية للموظف، خاصة في الجوانب النفسية.

خامسًا: توصيات لتفعيل المنصات في المؤسسات

  • إدماج المنصات ضمن الخطط الاستراتيجية للموارد البشرية.
  • تدريب القادة على قراءة تقارير الصحة النفسية والاستجابة لها.
  • توعية الموظفين بدور هذه الأدوات في تمكينهم وليس مراقبتهم.
  • ربط النتائج بمبادرات التحفيز وليس العقاب.

خاتمة

في الإمارات، أصبحت الصحة النفسية في بيئة العمل مسألة بيانات واتصال رقمي بقدر ما هي مسؤولية إنسانية. إن الاستثمار في المنصات الرقمية ليس رفاهية، بل ضرورة لتأسيس مؤسسات حكومية مرنة، سعيدة، وأكثر استدامة. فالاهتمام بالسلامة النفسية، كما تؤكد “مئوية الإمارات 2071″، هو استثمار في رأس المال البشري وفي مستقبل الوطن.

الكلمات المفتاحية:

المنصات الرقمية، الصحة النفسية، بيئة العمل، جودة الحياة، التوتر الوظيفي، الذكاء الاصطناعي، السعادة المؤسسية، الخصوصية، الموارد البشرية، حكومة الإمارات، منصة نفس.

المراجع:

  • البرنامج الوطني للسعادة وجودة الحياة، دولة الإمارات: https://u.ae/ar/about-the-uae/the-uae-government/happiness
  • هيئة الموارد البشرية لحكومة أبوظبي – تقارير السعادة المؤسسية
  • Harvard Business Review: Digital Tools for Mental Health in the Workplace (2023)
  • تقرير Deloitte حول الرفاه الوظيفي الرقمي 2022
  • منظمة الصحة العالمية – بيانات المنصات النفسية (2023)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *